السبت، 5 نوفمبر 2011

كيفَ تدور رحَى السِّنين . ؟!





كيفَ تدور رَحى السِّنين .. ؟!
معَ عقاربِ السَّاعةِ أم عكسَ ذلِك .. ؟!
أيُّ يدٍ خفيّةٍ للهِ تُديرُها .. ؟!
مَنْ يعرفُ مُستَقرّها وَ مرسَاها .. ؟!
كَم المُدَّة التَي تستغرِقُها لتطحَن أربعةَ ...... أصحَاب !
لحظَة لِي سُؤال : ءَ تلكَ الرَّحى صَمّاء .. ؟!
:
جَرحَ غُصنَ شجرةِ الّلوز حيَن حفر ..
مؤيّد المَتينْ وَ عليُّ المجنُون وَ ناصرُ
الأعْمَى وَ أنا ... القَمر !
:
كلُّهُم طَحنتْ وُجودهُم حولَه تلكَ الرَّحى وَ بقيَ
هُوَ الوحيدْ .. لكِن مَن هُوَ .. ؟!
مَنْ هُوَ .. ؟!
مَنْ هُوَ .. ؟!
-هُوَ .. أَنا القَمرُ لكِن بِلا أنَا فَأنا غَابَت وَ لمْ يبقَ سوى
القَمر .. يتوسَّطُ السَّماءَ تارةً قمراً وَ يخونهُ بدراً !
:
يَا أنتَ الّذي بِلآ هويّة ، بِلآ تأشِيرةٍ وَ بِلآ جوازٍ أو إقامَة
سَأروِيكَ اليَومَ لكِن اِصمُم أُذنيكَ عَن الوجَع .. ؛
أوْ أنتَ تروِي .. ؟!
*كُنّا بالرَّحى أربَعة ، وَ بتنَا ذاكَ الّليلَ ثلاثَة .. عَن الألمِ
أروِي وَ عن الشجنِ أبكِي وَ عن الذِّكرى أديرُ وجهِي
لكنَّها بكلِّ الجهَاتْ !
:
-مَن رَحل .. !
جاءَ السؤالَ بوجَل ، حقَّاً أيٌّ منهُم رَحل .. ؟!
-لَم يرحَل أحَد .. لَقد ماتَ مجنونٌ فقط !
مجنُون .. وَ ماتْ .. ؟!
لمَ أيهَّا الأحمقُ تقضُّ مضجعِي بـِمجنُــــ .......
:
هَل جرَّب أحدٌ ترقُّب جهازِ تخطيطِ القَلبْ .. هَل دقّقَ
بخطُوطِه لزمنٍ لمْ ينتهِي إلا حينَ استقام الخَط .. !
باللهِ عليكَ يَامن عشتَ هذا بعدهَا ..
مآ حدثْ .. ؟!
:
*أعادتنِي أحرفُ مجنُون لشجرةٍ اللوزِ قبلَ .... قَبلَ
سبعٍ وَ عشرِ دوراتٍ بالرَّحى .. منَ ؛ علِيْ ؟!
لآ يُمكِن ، لآ يُمكِن ، لآ يُمكِن ..
:
كيفَ يا قلبُ تستطِيع أنْ تتجرّعَ ذاكَ النجيعْ
كيفَ يا عينَيّ أبصرتهِ مسجّى .. ؟!
-حجزتُ لكُم تذاكرَ للعمرة وَ الذّهاب صباحَ غَد ..
-يا مجنُون .. السَّاعة الآن الثانيةَ فجراً ..
-وَ في السادسةٍ تماماً ستقلعُ الطّائِرة .. ههههههه
وَ غابَ عنهُم ليجهِّز أشيَاءه ، هُو هكذا دائماً
متسَرّع ..           مغآمر ..
متهوّر ..                  م ج ن و ن !
:
-وسّدهُ على اليَمينٍ يا مؤيّد كمَا ينامُ دوماً وَ غطّه
جيداً كَي لا يموتَ برداً بفعلِ فقرِ دمهِ الحاد وَ هذا
الجَّو البارد هُنا ..
لآ لآ لآ .. لَم تَكن الجملةُ هكذَا .. لَم تكُن ..
-وسِّدوهِ على خدِّه الأيمَن وَ أهيلُوا عليهِ التُّراب !
:
ءَ حقّاً أهلتُم عليهِ تربَ القبرِ وَ رحلتُم .. ؟!
ءَ حملتكُم أقدامكُم لمَلجئِكُم .. ؟!
ءَ نبضَت قلُوبكُم النَبضةَ الرَّابِعة .. ؟!
:
-تُسافِر .. تستقِر .. !
-ءَ بالغُربةِ استِقرَار .. ؟!
-تمزَح صحِيح .. ؟!
 -لآ ، لستُ كذلِك .
وَ حقاَ سافَر .. سَافر .. سَافر .. سافرَ
ذَاكَ الأعمَى صاحبُ الأعينِ الأربَع !
:
-هههههههههههههه ، مَاهَذا .. ؟!
-نظَّارات ، أم أنكَ لا تعرِفُها يا جاهِل .. ؟!
-بلَى هههههــ بلَى ـهههه أعرِ ههههه رِفها ..
-منذُ مَتى .. ؟!
-منذُ الأزلْ أيُّها المقيتُون ..
-لآ لآ حقَّاً ناصِر منذُ مَتى !
-قبلَ يومينِ فقطْ ..
:
يومَين ، تلكَ كانَت أقْصى مدّةٍ للبُعد  ..
اليَومَ باتَت أشهراً وَ سنين !
ألا لعنةُ اللهِ على السِنين وَ رحمتهُ بالرَاحلِين نرجُو
وَ لطفهُ بالغَائبِين المُسافرِينْ .. !
:
مَامِن صدِيق ، مَامِن صدِيق
يزيلُ وحشةَ الطَّريق !
بلى يا أنتَ الّذي بِلا هويَة بقيَ لكَ صدِيق ..
-لَم يبقَ أحدْ !
:
وَصلنَا العَولمَة كثُرت وسائلُ الاِتّصال ..
تجاوزَت التقنيَّات بُعدَ القَمر .. لكِن
وسائلُ الاتصالِ بالقلبِ وَ الرُّوح ، المحبّة
وَ الودّ وَ الإخلاصْ تضاءَلُوا .. !
:
بِدورتَي رحى ارتفعَ ثمنُ كلِّ شيء إلَّآ ثمنَ الإنسانْ
(البنِي آدم) تدنّت لأسفلِ سَافلِين !
أصبحَ يُقتلَ بأي شيءٍ ، برصاصَة بسكّين بحبْل
بخيانَة بِكلمَة برَحِيل .. !
:
غَابت اتصّالاتُه وَ ماتَت بالهَاتفِ رسائلهُ وَ دارَت بهِ الرَّحى بعيداً
بعيداً جدّاً عنّي .. عنْ كلِّ شيءْ !
بعامَين ، بِدورتين .. بدأَ يتلاشَى مؤيّد يتلاشَى يتلاشَى
لِحين اختفَى مِن حيّنا القَدِيم .. مِن عمرِنا القدِيم .. مِن عُمري أنا !
:
-مؤيّد ، ناصِر ، عليّ .. تخرجوُن اليَومْ .. ؟!
-أجَل أجل أبِيْ ..
-الجوُّ باردُ في الخارجِ يا أبنائِي ..
-أرجوكِ أمّي نريدُ الخُروج .. سنرتدي لباساً ثقيلاً
-حسناً يا أحبَّتِيْ !
:
يفتحُ الجوُّ الباردُ جرحاً يَا زوجتَه وَ خروجُه معَ أبنائِه جرحاً آخر
وَ لعبُهم بالرِّمال وَ دفنِ أشيائِهم نزفاً .. !
تعيدُ الحَياةُ ذاتَها بأبنَائِي ، تدورُ الرَّحى ذاتَ الدَّورات
لَكِن لمَ لا تدورُ باتّجَاهِ لقائِي بأصحابِيْ .. ؟!
:
البَحر .. هُنا عليّ وَ هُنا مؤيّد وَ هناكَ نَاصِر 
إنّهُم ينادُونه .. ينادُونه .. مَتى عادُوا متَى متَى متَى .. ؟!
هههههههههه ، انفضْ رأسَك انفضْ أوهَامَك !
:
-كفاكَ حبِيبِي ، حينَ يعودُن سيعُودون لآ تُرهقَ ذاتَك
-آآآخٍ لو يعُودُون !
-تمنّى يا حبيبِي تمنّى قَد تستجيبُ لكَ السَّماءْ !
-أحبُّكِ ..
-هههههه ، زَيد نحنُ لسنَا في المنزِل .
:
زيدْ ، هَذا هُوَ أناَ الّذي بقيَ القَمر وَ غابَت أَنا  ..
وَ هذهِ الرَّحى دارِت وَ تدُور وَ تدوُر ، لمْ ترحَمنا طحنَتنَا لحينِ تُهنا
فَ يا قارئِي لا تأْمنهَا وَ توخَّ الحَذر ، فمنهَا لَا مفَر !


Tuqa  Jaffer

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق